مع استمرار العالم في مواجهة التحديَّات البيئيَّة مثل تغيُّر المناخ، وإزالة الغابات، والتلوُّث، أصبح هناك اهتمام متزايد بالكيفيَّة التي يُمكن بها للتكنولوجيا أن تساعد في معالجة هذه القضايا. ويأتي على رأس التقنيات التكنولوجيّة التي تحظى بالكثير من الاهتمام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
بفضل قدرته الفائقة على تحليل كميّات ضخمة من البيانات ثم اتخاذ قرار بناءً على ذلك، ظهر الذكاء الاصطناعي كأداة محوريَّة في مواجهة التحديات البيئية وتوجيهنا نحو مُستقبل مستدام، مما يجعله لاعبًا رئيسيًا في تشكيل مُستقبل البيئة.
سجّل الآن في أفضل دورات الذكاء الاصطناعي المجانية والمدفوعة المتاحةعلى موقع فرصة.كوم. تصفَّح الدورات!
في السنوات الأخيرة، تم تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد على مُختلف المشاكل البيئية، وكانت النتائج واعدة. صحيح أنّ الذكاء الاصطناعي ليس رصاصة سحريَّة يُمكنها حل جميع المشاكل البيئيَّة، لكنَّه يُمكن أن يساعد بعدَّة طرق.
في هذا المقال، سنتعرَّف على أهم هذه الطرق ونستكشف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في حماية البيئة والتأثير المحتمل الذي يمكن أن يحدثه على كوكبنا في المستقبل.
كيف سيحمي الذكاء الاصطناعي مستقبل البيئة؟
إليك كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في حماية مستقبل البيئة:
1. تقليل استخدام الوقود
يُمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الطاقة في المباني والصناعات من خلال التنبؤ بأنماط استخدام الطاقة وتحسين استهلاكها، كما يُمكنه أيضًا تحديد مجالات هدر الطاقة واقتراح طرق للحد منها. على سبيل المثال، استخدمت شركة DeepMind التابعة لشركة Google الذكاء الاصطناعي لتحسين أنظمة التبريد في مراكز البيانات التابعة لها، مما أدى إلى تقليل استهلاك الطاقة وبالتالي التقليل من انبعاثات الكربون.
كمثال آخر، تستخدم تسلا ميزات القيادة الذاتية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في سياراتها الكهربائية لتحسين أنماط القيادة، مما يؤدي إلى زيادة كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات.
2. تتبُّع التلوث
هل تساءلت يومًا من أين تأتي تقارير جودة الهواء في المناطق الحضرية؟ تقوم المدن في جميع أنحاء العالم بالفعل بتتبع التلوث لتنبيه الجمهور في حالات المستويات الخطيرة. وباستخدام الذكاء الاصطناعي، أصبح من السهل تتبُّع التلوث ومعرفة نسبة التلوث في بقعةٍ ما، وبالتالي يُمكن دعم الحكومات المحلية في اتخاذ القرارات لتحسين الصحة العامة والقدرة على الصمود في المناطق الحضرية.
على سبيل المثال، تستخدم وكالة الفضاء الأوروبية الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الأقمار الصناعية لمراقبة مستويات تلوث الهواء في المدن. ويُمكن لهذا النظام أن يوفر معلومات مفصلة عن مصادر التلوث، والتي يمكن أن تساعد صناع السياسات على تطوير استراتيجيات مستهدفة للحد من مستويات التلوث.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين التخطيط الحضري وكذلك إدارة حركة المرور والنفايات، مما يجعل المدن أكثر استدامة وصالحة للعيش.
3. الزراعة المُستدامة
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في ممارسات الزراعة المستدامة من خلال تحليل بيانات التربة، والتنبؤ بإنتاجية المحاصيل، وتحديد تفشي الآفات والأمراض. وهذا بدوره يُمكن أن يساعد المزارعين على تحسين إنتاج محاصيلهم مع تقليل استخدام المبيدات والأسمدة.
على سبيل المثال، تستخدم شركة مثل Farmwise الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لتحديد الأعشاب الضارة في الحقول الزراعية وإزالتها بدقة، مما يقلل الحاجة إلى مبيدات الأعشاب الكيميائية ويعزز الممارسات الزراعيَّة المُستدامة.
4. إدارة المخلفات
باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، يُمكنا للبشر التعامل مع النفايات بشكل أكثر أمانًا للبيئة من خلال تحليل البيانات المتعلقة بإنتاج النفايات وجمعها والتخلُّص منها. يمكن أن يساعد ذلك المدن والبلديات على تحسين أنظمة إدارة النفايات لديها، وتقليل النفايات، وزيادة معدلات إعادة التدوير.
كمثال على ذلك، تستخدم شركة Waste Robotics روبوتات تعمل بالذكاء الاصطناعي لفرز المواد القابلة لإعادة التدوير وفصلها عن مجاري النفايات، مما يؤدي إلى تحسين كفاءة إعادة التدوير وتقليل حجم النفايات في مدافن النفايات.
5. إدارة المياه
يستطيع الذكاء الاصطناعي بفضل قدرته الفائقة على دراسة البيانات وتحليلها أن يُساعد في إدارة المياه من خلال دراسة البيانات المتعلقة باستخدام المياه وجودتها وتوافرها. ويُمكن أن يساعد ذلك المدن والبلديات على إدارة مواردها المائيَّة بشكلٍ أفضل، وتقليل هدر المياه، وتحسين جودتها.
على سبيل المثال، تستخدم منظمة Ocean Cleanup أنظمة تعمل بالذكاء الاصطناعي لتتبع وجمع النفايات البلاستيكية في المحيط، مما يساهم في الجهود المبذولة لتنظيف البيئات البحريَّة.
6. التنبؤ بالكوارث الطبيعية
تُعد إحدى الطرق التي يُمكن من خلالها الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للمساعدة في حماية البيئة هي التنبؤ بالكوارث الطبيعية. يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الواردة من أجهزة الاستشعار والأقمار الصناعية وغيرها من المصادر لتحديد الأنماط التي تشير إلى احتمال وقوع كوارث طبيعية مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات.
يُمكن استخدام هذه المعلومات لإصدار تحذيرات، وإجلاء الأشخاص من المناطق المتضررة، وتخصيص الموارد للمناطق التي من المحتمل أن تتضرر بشدة.
بالنسبة للمناطق المعرضة للانهيارات الأرضية على سبيل المثال، يُمكن لرسم الخرائط أن يساعد السلطات المحليَّة على تخطيط وتنفيذ تدابير التنمية المستدامة، والحد من المخاطر وضمان سلامة السكان في المجتمعات الضعيفة.
كمثالٍ آخر، تستخدم الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) الذكاء الاصطناعي لتحسين التنبؤ بالأعاصير. ويقوم النظام بتحليل البيانات الواردة من الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار لإنشاء نماذج أكثر دقَّة لسلوك الإعصار، والتي يمكن أن تساعد المستجيبين للطوارئ على الاستعداد للأعاصير والاستجابة لها بشكلٍ أكثر فعاليَّة.
اقرأ أيضًا: أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم
7. تغيُّر المناخ
لدى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي القدرة على مُعالجة تغير المناخ من خلال تحليل البيانات المتعلقة بانبعاثات الغازات الدفيئة وأنماط الطقس والعوامل البيئية الأخرى. ويٌمكن أن يساعد ذلك صناع القرار في توجيه السياسات والاستراتيجيات للحد من الانبعاثات وتخفيف آثار تغير المناخ.
في التطبيقات المختلفة، بما في ذلك التنبؤ بالطقس والنمذجة المناخية، يتم دعم فهم أنماط الطقس وتأثيرات تغير المناخ والتنبؤ بها بواسطة نموذج Watson من شركة IBM.
8. الطاقة المُتجددة
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية من خلال تحسين الأداء وتسهيل الصيانة. كمثال على ذلك، تستخدم شركة GE Renewable Energy الذكاء الاصطناعي في توربينات الرياح لتحسين أدائها. تم تجهيز هذه التوربينات بأجهزة استشعار وخوارزميَّات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها التنبؤ بالتغيرات في ظروف الرياح وضبط تشغيل التوربينات وفقًا لذلك.
تُساعد هذه القدرة التنبؤية على تحسين إنتاج الطاقة وتضمن عمل التوربينات بأقصى قدر من الكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام جدولة الصيانة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لتحديد المشكلات ومعالجتها بشكل استباقي، مما يقلل من وقت التوقف عن العمل وتكاليف الصيانة. يساهم تطبيق الذكاء الاصطناعي هذا في نمو وكفاءة مصادر الطاقة المتجددة، والنتيجة هي تقليل الاعتماد على الوقود الحفري التقليدي الذي تتسبب انبعاثاته في أضرار بيئيّة جسيمة مثل التغير المناخي والاحتباس الحراري.
9. كشف الأنشطة البيئيّة غير المشروعة
بمُساعدة الذكاء الاصطناعي، يُمكن بسهولة الكشف ومنع الأنشطة غير القانونية التي تضر بالبيئة، مثل إزالة الغابات والصيد غير المشروع. يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل صور الأقمار الصناعية وغيرها من البيانات لتحديد المناطق التي تحدث فيها إزالة الغابات أو التي يحدث فيها الصيد غير القانوني. ويمكن استخدام هذه المعلومات لتحديد هويَّة الجُناة واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف النشاط.
على سبيل المثال، يستخدم الصندوق العالمي للحياة البريَّة الذكاء الاصطناعي لتتبع النشاط الحيواني في المناطق المحمية. يستخدم النظام خوارزميَّات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من مصائد الكاميرا والمصادر الأخرى لتحديد الأنماط التي تشير إلى نشاط غير قانوني. يُمكن استخدام هذه المعلومات لإبلاغ سلطات إنفاذ القانون وحراس المتنزهات، الذين يمكنهم اتخاذ إجراءات لمنع الصيد الجائر وحماية الأنواع المُهدَّدة بالانقراض.
10. تنظيف البحار والمحيطات
يساعد الذكاء الاصطناعي في اكتشاف البقاع الملوَّثة في المسطحات المائيّة من خلال إنشاء خرائط تفصيليَّة لنفايات المحيطات في المواقع النائية. ويُمكن بعد ذلك باستخدام الآلات ذات المستشعرات الدقيقة جمع نفايات المحيط وإزالتها، وهو أمر أكثر كفاءة من طرق التنظيف السابقة باستخدام سفن الصيد والطائرات.
كنموذج حي على ذلك، تستخدم منظمة بيئية تدعى The Ocean Cleanup الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إزالة التلوث البلاستيكي من المحيط، وقد أحرزت بالفعل شوطًا كبيرًا في ذلك. نتيجةً لهذا، يُمكننا الحفاظ على الحياة البحريّة والتي تُعد عنصرًا لا غنى عنه في السلسلة الغذائيّة للبشر.
11. مراقبة الظروف البيئيَّة
أحد التطبيقات الواعدة للذكاء الاصطناعي في الحفاظ على البيئة هو مراقبة الظروف البيئية. يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات الواردة من الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار والمصادر الأخرى لتوفير معلومات في الوقت الفعلي عن الظروف البيئية مثل جودة الهواء وجودة المياه ودرجة الحرارة. ويُمكن استخدام هذه المعلومات لتتبع التقدم المحرز في المبادرات البيئية، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
12. الحفاظ على التنوع البيولوجي
يُمكن لخوارزميَّات الذكاء الاصطناعي تحليل مجموعات كبيرة من البيانات، مثل صور مصيدة الكاميرا، أو صور الأقمار الصناعية، أو التسجيلات الصوتية، لتحديد الأنواع ومراقبتها في بيئاتها الطبيعية. يمكن أن يساعد ذلك دعاة حماية البيئة على تتبع الاتجاهات السكانية، وتقييم صحة الموائل، واكتشاف الأنشطة غير القانونية مثل الصيد الجائر أو قطع الأشجار.
بالإضافة إلى ذلك، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات التاريخيَّة حول توزيعات الأنواع والعوامل البيئية والأنشطة البشرية لوضع تنبؤات حول اتجاهات التنوع البيولوجي المستقبليَّة أو مصير فصيلة حيوانيّة مُعيّنة. وبناءً على ذلك، يُمكن اتخاذ قرار بشأن الحفاظ عليها من الانقراض.
يُمكن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حماية التنوع البيولوجي كذلك من خلال تحليل البيانات الجينومية لفهم التنوع الجيني للأنواع والمجموعات بشكل أفضل، وهو أمر بالغ الأهمية لإنشاء خطط الحفاظ على الأنواع، مثل تحديد المجموعات المعرضة لخطر الانقراض.
اكتشف إستراتيجيات العمل الحر الناجح وأسرار تحقيق الربح من الإنترنت من خلال دورة مكثفة عبر الإنترنت على موقع فرصة. سجِّل في الدورة الآن
في الختام، لا شكّ أنّ إمكانات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في مواجهة التحديات البيئيَّة كبيرة وفعّالة. يُمكن أن تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين أنظمة الطاقة المتجددة، وتحسين الزراعة، وتقليل النفايات، ومراقبة الظروف البيئية. ومع ذلك، هناك أيضًا مخاطر مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك احتمال زيادة استخراج الموارد الطبيعية بمُعدّل أسرع من الطبيعي، ونزوح الوظائف وغيرها.
لهذا، من المهم الاستثمار في البحث والتطوير لتقليل التأثير البيئي للذكاء الاصطناعي حتى يتسنى لنا الاستفادة من مميزاته دون التأثّر بعيوبه ومخاطره. وفي نهاية المطاف، يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة التحديات البيئية مُجرَّد جزء واحد من جهد أكبر للانتقال إلى مستقبل أكثر استدامةً وبيئة أكثر استقرارًا.
